بسم الله
الرحمن الرحيم
الجمعة 15-11-2013
ميلادي ..
يروق لي كل جمعة
بعثرة الحكايا القديمة ونثرها على حواف العمر أمام النظرات البريئة لأطفال الجيران
.. أدس يدي تحت مخدتي وأسحب حكاية قديمة ..
هذه المرة
..
شممت في حكايتي
رائحة طلاء أسوار مدرستي ..رائحة مقعدي الخشبي .. وأوراق صحيفة متآكلة وصوت حافلة
أبي وهي تشق الشريط الساحلي الطويل من البيضاء إلى طرابلس في رحلة صيفية رائعة ..
شممتُ عطر جدتي .. ورائحة " المضغة " وقد مزجت بزيت الشيح والعنبر ورأيت
عروس البحر تتلألأ أمام مقدمة حافلة والدي الذي يقتحم " سوق الجمعة كل
صيف" بعسل الجبل الأشم وبخوخ مزارع " المرج " و بعنب " الحنية
" و " سلنطة "
نغزو العاصمة
بالعسل وبالخوخ والعنب والهدايا الصغيرة للإحباب ونعود محملين بزيت الزيتون و
بنفائس عروس البحر الثمينة وبالكتب .
تستمر حكايتي
نحتال على الفقد
بالبوح ..بالنزف الشديد على الورق ..بالحكايا القديمة الملونة .. نبتسم ابتسامة
صفراء ذابلة ..ونغض البصر عن الوجع ..وعن الخيبة .. نبحث خلف الستائر عن الوطن ...
لكننا لا نجد إلا الفراغ والحزن فنقف طويلاً عند الباب ننتظر عودته .. ننشر إعلان
عاجل للبحث عن الوطن ..نرفقه
بصور تتصدر صفحات
الجرائد وحوائط التواصل الاجتماعي
يرفع الوطن يده
المبتورة ... يصرخ في ألم .. أم تبحث عن أبنها في لهفة .. صراخ وعويل ..سيارات
إسعاف .. صوت قادم من الفراغ لطبيب يصرخ
- أحملوا
المصاب إلى غرفة الإنعاش .. شيخ يتهاوى .. يغمى عليه ..أحدهم يبكي بصوت تتقطع له
نياط القلب .. صرخة نسائية مدوية ..
أحدهم يبكي ..
يصرخ بقوة قائلاً .. الله يرحمه .. نواح .. شخص شبه ميت ينازع .. في أية لحظة يموت
.. ثلاجة الموتى تفتح .. ثم تغلق ..طوابير لا تنتهي من المتبرعين بالدم ..رصاصة في
جانب من الدماغ
ورصاصة في قلب
الوطن ..
صوت انفجار ..
أصوات رصاص .. نساء
درويش في الزاوية
.. يحمل مبخرة .. يغرق في نوبة طويلة من الضحك .. يبكي .. يهتف
- دم المسلم
على ............ يضيع الصوت الدرويش .. يغيب في صوت الرصاص .
