الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

المدينة البيضااء

مدينتي البيضـــــــاء 



تشاكسني هذه المدينة ... تستثير شهيتي للحب ....رغم تكاثف الغيوم فوق قمة الجبل .. تباً لكِ يا مدينتي .. تنسجين لي مؤامرة وتضربين لي موعداً غيابياً مع الحب ..  تباً لهذا  الإغراء اللذيذ الذي يتآمر مع جوك الممتع لسحبي منومة حيث النسيم اللعوب .. ورائحة الورد والياسمين .. حيث أنت والبيضـــــــــاء والجنون  .. تنهمر البيضاء مطراً وانهمر بك حباً وتتدحرج أوراقي محتضنة كلماتي تئن شوقاً وتتأوه حنيناً قاتلاً .. تباً لتلك الليالي المغريات .. وتباً لتلك التعاويذ التي تطوق خصر قمرك الفضي .. حيث سحر السمر تحت سمائك يتغلغل رقاها وبخورها وعطرها العتيق في ثنايا الروح .
وقف عليكِ جنوني .. أيتها المدينة .. حسناء أنتِ لعوب تتصيدين نثري وكلماتي ... وتبعثرين .. وتشتتين بيت القصيد .. وتسحبين من تحت أبجديتي روعة الكلمات  وسحر الحروف .. وتنسجين أجمل أبيات الشجن والحنين .. تتعطرين بشذى أنفاس الأجداد وعبق المسك ورائحة بخور الجّدات  .. تتكئين على أعتق مغارات  الشموخ .. وتتنفسين أجمل الأساطير ..تفسحين مكاناً لكل عابر سبيل .. معكِ أيتها الحسناء سأبدأ قصتي .. ومعكِ أسرق لحظاتي مع رجل يفوقني جنوناً  بك ويتفوق على جنوني ويتقن مهارات الحب في شوارعكِ .. وتحت نوافذكِ تتدلى خطيئتي وما أجمل خطايا الحب
وعبثاً كنت أفك رموزكِ الموشومة بقلبي .. عبثاً كنتُ أمسح خطيئتي عن مرايا شوارعك التي تتلبس بي و كطفل متلبس بأول قبلة كذلك رسمت قبلتي فوق جبينكِ  وقلبي يحتضن حب رجل متلبس بشوارعك ... منتعل أزقتكِ ..ملتحف بطرقاتك ومعتصم بحبكِ فرفقاً بحبيبي أيتها المدينة الفاتنة ... البيضاء ... لكنك لا تغادرني ... أستحضرك  وأنا أعبر شوارع مدينتي البيضاء ..  تشقني الطرقات .. تسير الأزقة  على وقع الخطوات ووقع  دقات القلب  وتتخللني الدروب والحارات .. ينتشلني صوت المؤذن الحنون .. يرتفع من جامع الشيخ الجليل " رويفع " يئن الصوت فأرتعش .. أشعر برهبة المكان وقداسة الأشياء وأنا أخطو في اتجاه مسالك المدينة لا شيء أمامي إلا ملامحك أراها مرتسمة في وضوح على واجهات المحال وفوق كل شيء .. فلنقطع  معاً شوارع المدينة المرتمية باشتهاء في أحضان جبل يظللها بشموخه ويغرقها في رائحة مسك أجداد نبلاء عبروا من هنا .. من الجبل ذات مساء وانتهوا داخل نور المدينة ..  وعلى وقع نبض قلبك سيدي أخطو .. أجوس خلالها .. أتفرس وجوه المارة الطيبة .. أقرأ في الملامح حلماً يتراءى من بعيد وفي العيون قلق وحيرة .. وأنت معي أشعر بان قلبك يدق للبيضاء  بعنف وقوة .. ويبتسم للأزقة الخلفية ..ويستمع للأناشيد الخفية .. ويقرأ ملامح الشوارع الفرعية .. وتفاصيل المباني .. كانت أنفاسك تكتب شعراً يتغزل حزناً وخوفاً وقصيدة تهمس بها كل شهيق أو زفير .. ألتفت إليك .. فأجدها تسحبك بقوة نحو سحرها ونافذتها كأنثى باهرة الجمال تتعلق بك .. وأجدك تخذلني .. تتركني وتتوغل في قلبها .. تجلس إلى مقاهي " شارع العروبة " .. تتنفس نسائمها وعطرها ..تتحدث إلى أهلها ..تشرب قهوتهم .  تشاركهم نكتهم وضحكهم وأحاديثهم عن الوطن المسروق .. تقاسمهم التشبث ببقايا ثورة انبثقت لحظة اشتعال فتيل الحب في مفترق قلب مدينتهم وفي شرايينهم .. تستدعي معهم لحظات صراخهم الممزوجة برشقات رصاص طاغية مهزوم .. تتأمل وجوه شهدائهم التي أصبحتْ ملصقات القلب في شوارعهم .. تشاركهم حتى دموعهم عندما تسقط ساعة شجن .. 

تغادرني إليهم  وأعود وحيدة أشق شرايين المدينة .
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني حضورك