الجمعة، 3 أكتوبر 2014

قبلتك


لم يكن أذان جامع سيدي رويفع الأنصاري  بصوته الحنون ونبرته الحزينة هو الذي أيقظني في ذلك الفجر الرائع ... ولا أصوات هدير السيارات التي تأتي مخترقة سكون وصمت المدينة النائمة ...ولا لفحات البرد القارصة ... التي تأتي من فجوة صغيرة في شق بجانب نافذة غرفتي  لكنه جرح أخر جديد يضاف إلى ذاكرتي المثقلة أصلاً بالجراح ... انسحبتُ ببطء من فراشي اللذيذ ووقفتُ أتأمل الفراغ وأنصت إلى السكون الذي يملأ  طرقات مدينتي الخالية ... كان صوته يتسلل إلى القلب  كالدفء في أوصالي الباردة ... كالحنين الممتلئ بالفقدان والتيه والغياب
الصلاة خير من النوم .... الصلاة خير من النوم .. ثم خطوات متسرعة مستعجلة تتجه صوب المسجد .. وروحي تتجه صوب الصوت المفعم بالحنين ... الممتلئ بالبكاء  .
يتسلل صوته إلى الأعماق .. كالشعاع الضئيل الهارب من نجم تائه في سماء بعيدة ... استيقظتْ أشياء دفينة وقديمة  مع عودة الخطوات المتسرعة من صلاة الفجر ... جلستُ إلى طاولتي .... أعبث بمؤخرة قلمي الرصاص ... أخط كلمات .. كانت كلماتي مجرد ظلال هاربة من ذاكرة مجروحة وقلب يائس .. نعست قبل أن أكمل كلماتي التي تاهتْ ورحلت .. ثم أصبحتْ في قارة أخرى بعيدة  ... يممتُ وجهي شطر القبلة  ودعوت له في سري ... ونمت

لكن الخطوات المتسارعة  الراكضة ظلت  تمزق سكون مدينتي وتمزق سكينتي وتخترق دعائي الطويل الذي أصوبه مع نسائم الفجر نحو قارة بعيدة باتجاه قبلتك . 
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني حضورك